الأربعاء، 27 مارس 2013

نجاة الزوجة


قلنا بعد المعركة حامية الوطيس بين صاحبة الدار والحمار والتي وقع فيها ما وقع إستبطأ المجتمعون عودة صاحبة  الدار فلحق بها أحد الأولاد الكبار فوجدها جثة هامدة فهرع يجري وينتحب أمي ماتت ، أمي ماتت ، فلحق به الحاضرون ورثوا لحالها فقالت أمها في قلبها هذا جزاؤك يا ابنتي لقد كنت ظالمة ، وا أسفاء على ناس آخر الزمن ، وجاؤوا بسيارة الإسعاف وحملوها الى مستشفى بوضياف بورقلة وخضعت للعلاج تحت العناية المركزة حيث خسرت إحدى عينيها والى الأبد  وركبت لها جبيرة لتصليح عظم عضدها ، أما الأضلاع المكسورة فقرر الطبيب الجراح بقاءها الهالكة بالمستشفى لمدة شهر ونصف على الأقل حتى تتماثل للشفاء الكلي بقيت الدار دون مسير داخلي لولا ذلك الجار المحسن الذي كلف زوجته وابنتها للقيام بشؤون البيت ريثما ترجع صاحبته ، وفعلا كان الأمر كذلك ، غير أن الطبيب الشرعي أخطر وكيل الجمهورية بالحادثة ظنا منه أنها ليست كما صرح به ذوو الهالكة ، وفعلا أمر السيد وكيل الجمهورية  بفتح تحقيق عاجل لتقصي الحقائق  وكلف مصالح الدرك الوطني بموافاته بتقرير مفصل عن كنه وجوهر الحادثة ، ولما وصل أعوان الدرك الى عين المكان وخضع كل من الزوج والأولاد وبعض الجيران الى المساءلة وكتبوا تقريرهم المفصل بكل ما يلزم من حيثيات ، تنفس صاحب الدار الصعداء وقال : الله يجعل العواقب سليمة ، وفي هذه المدة كان صاحب الدار كعادته

يسمر مع زملائه أمام الدار وفوض أمره الى الله ، وقال له أحد زملائه : لا تحزن فإن المؤمن مصاب…وذكره أحدهم بقول الرسول  صلى الله عليه وعلى آله وسلم

:: لو إطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع :::: واحمد الله على نجاة زوجتك ولو أنها كانت قاسية عليك في الحكم ، فلقد أراها الله منه ما أراها لكي تكون عبرة لنفسها أولا ثم لجاراتها اللواتي يسئن الظن بأزواجهن ويتهمنهن بما ليس من طبعهم ، وقال أخر أنت لا شك إنسان صالح لقد أنتقم الله من زوجتك في الحال ، فقال الزوج : معاذ الله أذكروها بخير هي الآن غائبة في حكم الله ، ثم أنها زوجتي تحملت معي الحلو والمر وكابدت الليالي الحالكات سهرانة مع من يمرض من أولادها ، وأراها دوما لم تقصر في حقنا ، ما لكم كفوا عن الكلام ، فأنا أسمامحها والمسامح كريم ، فقال أحد الحاضرين ، والله عندك ألف حق تبعا لقوله صلاواة الله وسلامه عليه:: كلكم خطاؤون وخير الخطائين التوابون :::

مر شهر ونصف وخرجت الزوجة من المستشفى معافاة غير أن عينها لم تعد بعد كما كانت ، ورجعت الى الدار ففرح ببمقدمها الأولاد والبنات وحتى القطة جاءت وارتمت في حجرها وأخذت تتمسح بصاحبة الدار، وجاء قطيع الماعز والطيور والدجاج وكلهم تحلقوا حول القادمة من المستشفى يهنئونها بالعودة بالسلامة إلا الحمارالذي بقي في أمره محتار وهو ندمان على ما بدا منه من سوء الفعال ، لقد قطع رباطه وكسر باب الإسطبل ولحق بالمهنئين يتمرغ على الأرض ودموعه تسيل وهو يبدي أسفه ويطلب العفو ، فقامت إليه صاحبة الدار ومسحت على رأسه وطمأنته بقبول عذره ، وأضحى الكل فرحانا والحمد لله على كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار، ومر الأسبوع كله والجارات يجئن بين الفينة والأخرى مهنئات صاحبة الدار، ومن بين الأيام هذه تمت دعوة الجيران لمأدبة تلي فيها القرءان ووزع فيها الطعام واللحم والشاي وفي الأخير طلبوا للأسرة كاملة الصلاح والفلاح والوئام ولم الشمل ثم تفرقوا.

وفي الغد عاد الولد الكبير من الشركة في عطلته كعادته ومعه القفة المحملة بكل ما لذ وطاب….وبعد أن سلم على والده وكافة أفراد  الأسرة ، هنأ زوجة والده بخروجها  بالسلامة من هذه الورطة التي ألمت بها وقال : إن شاء الله تكفير دنوب ، ثم وضع القفة أما مها ونزع من جيبه رزمة من الأوراق المالية وسلمها إياها قائلا : أنت من الآن المكلفة بالصرف على الأولاد ، فضحك الأب وقال وأنا…. فقال الولد : أنت لما كثرت الدراهم عندك جلبت على نفسك وعلينا المشاكل ، فلا كيل لك عندي اليوم ثم ضحك وقال : آثرت اليوم صاحبة الدار جبرا لخاطرها ، ولك عندي يا والدي كل ما تريد ، فقال الوالد بارك الله فيك وأطال الله عمرك ومكوثك في الشركة ونجاك من كل الهلكة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق