يحكى أن شخصا أراد السفر من مدينة القرارة الى بلدة العالية وكانت المسافــــة
الفاصلة بينهما ما يزيد عن المائة كيلومتر تقريبا ولم يكن آنذاك طريقا معبدا ابــــــان
الاحتلال الفرنسي للجزائر وكان الفصل ربيعا ولقد انتهى الشخص من الاستعداد الكلي
من تحضيرما يلزم من زاد ونفخ العجلات امتطى هذا الأخير دراجته العادية وتوكـــل
على الحي الذي لايموت واتجه نحو البلدة المذكورة جاعلا الشمس نصب عينيه تراكا
المدينة وراء ظهره طورا يسرع وتارة يتثاقل في سيره ولم ير في طريقه أحدا مـــــن
المارة يستأنس به عدى بعض طيور السننو تزين وجه الأرض بتحليقاتها المعهــــودة
جيئة وذهابا كأنها تودع ذلك المسافر الغريب أو بعض الجرذان تطل من جحورهــــا
قصد تأمين حاجياتها من غذائها المفضل – البـاقل - الشمس كانت تتستر أحيانا وراء
بعض السحب العابرة اذانا بقرب مقدم فصل الحــر وكانت الأرض على وشك خلــــع
حلتها الخضراء التى كانت قد لبستها في فصل الربيع من بقايا أعشاب – التالمــــــــــة
والحوذان والمرغاد والطازية والرقيم والقولقلان والخبيزوالسعدان ....................
ويعلو بقايا الحلة طيور : المكة وهبال الرعاة والسواق.........تنبعث من مناقيرهــــــا
سنفونية طبيعية تعين ذلك المسافر وتخفف عنه وعثاء السفر ولقد حط رحاله وأسنــد
ظهره الى جدارغرفة كانت قد بنتها القوات الفرنسية مستعملة اياها مركزعبـــــــور
البريد بواسطة الخيالة وضع المسافر زاده على الأرض من تمر وماء وخبزالقمـــح
الأسمروبعض اللبن وبعد أن شبع استسلم للنوم دون تمهيد مباشرة من شدة التعـــــب
ولم يستيقض الا بعد أن استدارت الشمس وسلطت اشعتها على وجهه بعد أن غـــادر
الظل جسمه توضأ وصلى صلاة الظهر واستأنف المسيرنحو البلدة المنشودة وبينما
هو كذلك اخذته سنة من النوم وغرق في أحلامه حيث رأى أنه ياكل لحما مشويـــــا
حمد الله وشكره بعد أن أفاق من نومته سليما معافى ولم يسقط على الأرض وواصـل
المسير وبينما هوكذلك وفجأة رأى شاة غزال قرناء تجري أمامه كالبرق الخاطــــف
قال في نفسه والله الحلم ان شاء الله قد يتحقق وما علي الا بذل بعض المجهود أخـــذا
بالأسباب والله هو الرزاق فتوكل على الحي الذي لا يموت وانطلق وراء الشــــــاة
كالسهم وهي تجري وهو يجري الى أن كاد يفقد وعيه وهي تتلوى ذات اليميــــــــن
وذات الشمال واخذ يسمع دقات قلبه تزيد وهكذا الى أن أصبح بالقرب من الشــــــاة
محاذيا لها قفز من على دراجته الهوا ئية وامتطى ظهرها فحزمها برجليه من أعلآ
ظهرها ولواهما في أسفل بطنها واخذت تجري به جريا لا نضير له فقال في نفســه
الحمد لله الذي سخر لنا هذا........ هذا من فضل رب ليبلوني أأشكر أم أكفر هــــذه
سفينة سيدنا نوح عليه وعلى نبينا أفضل السلام وأخذ يوجهها من قرنيها الــى
حيث يريد ولم يبق على البلدة الا بضع كيلومترات وبين الفينة والأخري يلتفت وراءه
واذا بدراجته تجري وراءهما فحمد الله ثانية وواصل المسير وعندما تراءت لــــــه
مباني البلدة هلل وكبروتناول السكين من حزا مه وشرع في ذبح الشاة بعد البسملــ
والتكبير توقفت الشاة به أمام المسكن فطلب الماء من أحد أفراد أسرته وغســــــــل
المذبح ونادى المنادي بمقدم المسافر من مدينة القرارة الى بلد العالية بالسلامــــــة
فهرع الى مسكنه المهنئون من كل حدب وصوب يعانقونه ويسلمون عليه ويشيدون
ببطولاته وتضحياته الجسام وكلف بعض أفراد الحضوربنفخ الشاة وسلخها وشي
لحمها واطعام الأهل والجيران مع ترشف كؤوس الشاي بحيث لم يبق للقرم مكانا
يستقر به في البلدة وطلب منه الحضور أن يقص عليهم مجريات الأحداث فقـــال:
ليس بعد الى أن تلحق بي دراجتي فقال أحدهم يا حسراه ان الدراجة تكون قــــــد
سقطت على الأرض منذ أ ن امتطيت ظهر الشاة فقال لهم : لا والله ما سقطت بـل
بقيت تتبعنا وأظنها الآن تلحق بنا هنا وفي المكان الذي نحن به فقال أحدهم هـــذا
مستحيل وان حدث ذلك فان بستاني الذي به ما ئة نخلة فهولك وما هي الا لحظـات
حتى ارتطمت الدراجة بأحد الأواني الموضوعة أمام الحا ضرين فتعجبوا مـــــــن
هذا وقالوا : ان الله على كل شيىء قدير يكرم مخلوقاته كيف ما شاء ومتى شــــــاء
- أطع الله ترى العجب- فأخذ صاحب الدراجة البستان وتصدق بغلته علـــــــــــى
الفقراء والمساكين من أبناء البلدة فشكر الحضور له صنيعه وتمنوا له المزيــــــــد
من الكرامات........
بتصرف من اعداد: تجاني موهوبي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق