......ذهب النائم الى جدته لأبيه وبعد أن سلم عليها أجلستـــــه
بجانبها وأخذت تسأله عن حياة
أهل الصحراء وهو يجيب عن
كل أسئلتها بصراحة وكانت هي تفضل الذكور على الانـاث
وبعد هذه الدردشة قالت لقد كبرت
أطع والدك وانتبه الــــــــى
نفسك فشكرها وودعها... وفي احدى
الليالي وبينما كان يجلس
لتناول وجبة العشاء التي كانت كسكسي ممزوجا بقليل مــــن
الحليب فغضب لذلك وطلب من الأم
زيادة الحليب فقالت لــــه
ليس لدي حليب كل واسكت لم يقتنع وأخذ يبكي ويضع الرمل
على رأسه فقالت له الأم : كفى
من الصراخ ماذا يقول النــاس
عنك عند ما يسمعونك تعوي كالذئب
فقال : لا يهمنـي
أحد بقدر ما يهمني الحليب سوف
ترين أخذ يضع اللقمة فــــي
فمه يمضغها يبلع الكسكسي ويرجع
الحليب الى الصحــــــــن
واستمر في العملية الى أن ظهرت
زيادة الحليب وأصبــــــــح
يغطى الكسكس وقال لأمه أنظري
فلما رأت منه ذلك ربطــت
يديه خلف ظهره بحبل من الشعر
وأحضرت عرجونا يابســــا
وأخذت تضربه على أم رأسه وظهره
وهو يصرخ ويصـــرخ
ويستغيث بجدته التي هرعت اليه
مسرعة ملبية نداء الاستغاثة
وفكت قيده وأنبت الأم على
فعلتها الشنيعة تجاه الولد المسكين
وأخذته معها وحلبت له احدى
عنزاتها وسكبته على الكسكسى
الى أن تغطى كليه وكان له ما
أراد وقالت له: ألم أقل لك أطـع
والديك... ألم أوصك بذلك فقال
نعم يا جدتي لكني أحــــــــــب
الحليب حبا جما كالقطيط تماما ولا أستطيع الصبر عليــــــــه
فقالت له الجدة: أتقاسم معك
حليب عنزتي الوحيدة ففرح بذلك
ووعدها وعد عرقوب بأن لآ يحدث
الفوضى مرة أخــــــــرى
وودعها وذهب الى أمه فوجدها
نامت أخذ يدغدغها من رجلها
الى أن استيقظت وتظاهرت بالنوم
لأنها كانت لا تريده وهــي
عليه غضبانة فقبلها من رجليها
ورأسها وقال: سامحيني يــــا
أمي لقد أزعجتك وضربتني ضربا
مبرحا واحدة بواحــــــدة
ومن سوء الحظ وفي صباح الغد الباكر حامت طائرة حربية
على علو منخفض فأصمت أذاننا ولم
يبق أحد نائما الا وفاق
وما هي الا برهة من الزمن حتى
تغطت الحومة كلها بعساكر
فرنسا – القبعات الحمراء –
دخلوا دارنا من كل جهة مــــن
السطح ومن كل مكان وكسروا باب
دارنا بمؤخرات البنادق
وبها ضربوا أبي وأمي على رؤوسهم
ضربا مدويا كأنه
رعد في بداية فصل الخريف وما هي
الا لحظات حتى انهمر
مطر غزير بدم قان شديد الحمرة من رأسي أمي وأبـــــــي
سقى ثيابهما ومازاد تسلل الى
الأرض عبر العراقيب فخفت
خوفا شديدا وخاف قطي الأسود
وأخذ يحتمي بي فقلت لــــه
استعد هذه فرصة لا تعوض فأمسكت
به من رقبته ورميتــه
في وجه أحد الفرنسيين قائد
المجموعة والمسمى: قريتيــــس
وكأن قطي العزيز فهم مرادي فكان
لي منه ما أدرت وزيادة
والحمد لله حيث أنشب القط
مخالبه في خدي ذلك الوغــــــــد
وأنيابه في أرنبة أنفه وبقي
لاصقا والدم يسيل فحاول وهــــو
يصرخ ويسب ورغم المحاولات
العديدة والقط متشبثا ولـــم
يرد مغادرة وجه ذلك الخبيث
الدعي وكأنه وجد لحم ذلـــــك
الخبيث لذيذا وراودني أحد
الحركة بأن أطلب من القــــــــط
مغادرة وجه ذلك الكلب فقلت
شريطة أن تغادروا منازلنــــا
وأن تعطوني: عشرة آلاف فرنك
فأعطاني أحدهم الورقــــة
المالية فأمرت قطي الأسود فامتثل وهرب مسرعا الـــــــى
الغابة فغادروا فعلا ولكن اخذوا
معهم أبي ورجال الحومـــة
مربوطين بالسلاسل في سياراتهم
الى سجون مدينتي تقــرت
وجامعة ولم يبق في الحومة الا
الأطفال والنسوان يندبــــون
ويبكون وبدأت أتفقد آثار عجلات
سياراتهم من نوع : جيــب
وسيس سيس والكات
كات والشاحنات وتركوا مؤونتنــــــا
ملوثة بالماء وأبوالهم ومخلوطة
مع بعضها البعض التمــــر
والقمح والملح وكل شيء يعصب
فرزه ونفس الشىء جــرى
لكامل سكان البلدة وكا ن مجيء
القوات الفرنسية الى البلدة
نتيجة بيعة من طرف أحد أعوان
الا ستعمار حيث نقل لهــــم
بأن خلية مجا هدين تأسست حديثا
بالبلدة وبدأت تنشط وتقوم
بعمليات توعية في أوساط السكان
لا قناعهم بالانضمام الـــى
صفوف جيش التحرير لطرد المستعمر
من بلا دنا الحبيبــــة
وكانت أول شرارة بالعالية
والقرى التابعة لها مثل الطيبيــــن
والشقة والحجيرة وهكذا لما
أكتشف المستعمر تنصيب الخلية
التي كان يرأسها القائد : أحمد
بن ميلود عبيدلي عثوا فــــــي
البلدة فسادا فقتل من قتل ونجا
من نجا وذلك بعد أن جمعـــوا
كافة رجال البلدة في صحن حي
عـــــــــلآوي وبـــــــــدأت
عمليات الاستنطاق بواسطة
التعذيب بالكهرباء والعصـــــــي
وبالضرب بمؤخرات البنادق على أي
ناحية من أجســـــــام
المقبوض عليهم وكانوا يملؤون
البطون بالماء والصابون الـى
درجة الانتفاخ ثم يصعدون على
البطون بأرجلهم وهكــــــذا
استمر التعذيب أكثر من نصف
اليوم الى أن قتلوا مجموعــــة
من الأفراد ودفنوهم بجانب كف
غراب وأخذوا واحدا معهــــم
تجره احدى سياراتهم فتوفي في الطريق فرموه في بئر....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق